يعد تلوث الهواء أحد أهم العوامل التي تؤثر على صحة الإنسان ويتحمل العبء الأكبر من الأمراض التي تعزى إلى عوامل الخطر البيئية. وبعد التدخين، يعتبر تلوث الهواء السبب الرئيسي الثاني للوفاة الناجمة عن الأمراض غير المعدية ويرتبط بزيادة خطر الإصابة بالأمراض الحادة والمزمنة والوفاة. نحاول في هذا المقال استعراض ودراسة تأثيرات تلوث الهواء على جسم الإنسان إلى جانب إدخال المواد الملوثة للهواء.
أخطار تلوث الهواء على صحة الإنسان
يعد تلوث الهواء من الأخطار الكبرى التي تهدد البيئة، والذي يلعب
دوراً هاماً في حدوث وتطور بعض الأمراض لدى الإنسان، ومن هذه المضاعفات:
الربو، سرطان الرئة، تضخم البطين، الزهايمر، باركنسون واعتلال
الشبكية، الاضطرابات النفسية، التوحد، نمو الجنين وانخفاض الوزن عند الولادة.
في العالم، يعتبر سبب الوفيات المبكرة هو حرق الفحم والبنزين ووقود
الديزل. وجدت دراسات جديدة أن حرق الوقود الأحفوري للحصول على الطاقة مسؤول عن
وفاة 1 من كل 5 أشخاص.
تلوث الهواء الناجم عن الوقود الأحفوري وأثره على صحة الإنسان
وفي عام 2018، أظهرت الأبحاث أن الجسيمات الدقيقة PM=2.5 الناجمة عن الوقود الأحفوري تسببت في وفاة
8.7 مليون شخص في العالم. إن تلوث الهواء الناجم عن الوقود الأحفوري لا يلوث
الهواء فحسب، بل يسبب أيضًا المزيد من الوفيات الناجمة عن فيروس نقص المناعة
البشرية والسل والملاريا في العالم.
PM
يساوي 2.5 جزيئة في الهواء يبلغ قطرها 2.5 ميكرون، أو حوالي عرض شعرة الإنسان. يتم
استنشاق الجسيمات بسهولة وتتغلغل بعمق في الرئتين. ثم ينتقل إلى الدورة الدموية
ويؤثر على الأعضاء الأخرى. ومن المضاعفات الناجمة عن هذا التلوث العديد من أمراض بعض
هذه الأمراض هي:
سرطان الرئة
الجسيمات الموجودة في الهواء الملوث هي السبب الرئيسي للوفيات
المرتبطة بسرطان الرئة. حوالي 6% من الوفيات المرتبطة بتلوث الهواء المستنشق في
العالم ترجع إلى سرطان الرئة. قد يلعب الهواء الملوث أيضًا دورًا في الإصابة
بأنواع أخرى من الأمراض مثل سرطان المثانة والتهاب المسالك البولية.
أمراض الجهاز التنفسي
لأن معظم ملوثات الهواء تدخل الجسم عبر الشعب الهوائية. الجهاز التنفسي هو الخط الأول لهجوم الملوثات، وأمراض الجهاز التنفسي هي بداية الأمراض. وفي الجزء العلوي من الشعب الهوائية يحدث تهيج وتلف للقصبة الهوائية ويحدث اضطراب في الصوت. يعد تلوث الهواء خطرًا بيئيًا كبيرًا للإصابة بأمراض مثل ضيق التنفس.
الربو من الأمراض التي تؤثر على صحة الإنسان
يمكن أن يؤثر اثنان من الملوثات الرئيسية على الربو. الأوزون هو غاز
يؤثر على التنفس. ثانيًا، تتسبب الجسيمات الدقيقة، مثل تلك الموجودة في الغبار أو
الدخان، في إتلاف الرئتين وتسبب نوبة الربو. الدخان المنبعث من السيارات والشاحنات
والمركبات الأخرى يلوث الهواء.
واستنشاق هذا الهواء الملوث يسبب التهاب الشعب الهوائية والتهاب الرئة، والذي ينتهي في النهاية بضيق في التنفس وسعال مع إفرازات غليظة.
أمراض القلب والأوعية الدموية
يتسبب تلوث الهواء في تلف السطح الداخلي للأوعية الدموية ونتيجة لذلك
يجعل الأوعية الدموية أكثر صلابة وأضيق ويزيد من ضغط الدم. أظهرت الدراسات أن هناك
علاقة بين التعرض اليومي قصير المدى للنساء بعد انقطاع الطمث لأكاسيد النيتروجين
وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. كما أن تلوث الهواء الناجم عن حركة المرور
والسيارات يقلل من مستوى الكولسترول الجيد (HDL) ويزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب
والأوعية الدموية. أظهرت العديد من الدراسات أن العيش بالقرب من الطرق أو الشوارع
المزدحمة قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء. أظهرت الدراسات حول
تأثير تلوث الهواء على صحة الأطفال أن الأطفال الذين يمارسون الرياضة في الهواء
الطلق مع ارتفاع نسبة التلوث بالأوزون هم أكثر عرضة للإصابة بالربو.
شاهد ايضا"
أضرار تلوث الهواء على البيئة والنبات والحيوان
يتسبب تلوث الهواء في هدر الماء والتربة والهواء ويشكل خطورة على
الحياة. تلوث الهواء له آثار ضارة على الحيوانات والنباتات. يؤثر على تكاثر
الحيوانات. تعتبر الأمطار الحمضية، وانعكاس درجات الحرارة، والتغيرات في مناخ
العالم بسبب الغازات الدفيئة من أهم العوامل المسببة لتلوث الهواء.
التسمم الناجم عن تلوث الهواء على صحة الإنسان
وبحسب بيان الصحة العالمية، فإن الجزيئات الملوثة للهواء والأوزون
الأرضي (O 3 )، وCo، So 2
، وNo 2 ، والرصاص هي خمسة عوامل
رئيسية ملوثة للهواء ولها تأثير مدمر على صحة الإنسان والبيئة. العديد من العوامل
الملوثة للهواء مثل الغبار والأبخرة والدخان والضباب والغازات الملوثة
والهيدروكربونات وأبخرة المركبات العضوية والهيدروكربونات العطرية متعددة النوى
ومشتقات الهالوجين الموجودة في الهواء تسبب التعرض للأمراض المختلفة مثل أنواع
السرطان وفيما يلي نتناول أهم العوامل التي تلوث الهواء وتأثيراتها السامة على
أجزاء الجسم المختلفة.
الأوزون
الأوزون ذو الصيغة O3
هو غاز عديم اللون يوجد على نطاق واسع في تلوث الهواء. يوجد غاز الأوزون على سطح
الأرض وفي الغلاف الجوي العلوي الذي يسمى التروبوسفير.
الأوزون الموجود على سطح الأرض هو نتيجة الاتحاد الكيميائي بين أكسيد
النيتروجين والغازات المنفصلة عن المركبات العضوية. يأخذ الأوزون الإلكترونات من
جزيئات أخرى. ويهاجم الأحماض الدهنية غير المشبعة الموجودة على سطح خلايا الجهاز
التنفسي والتي تكون غير مستقرة وتدمر الوظائف الخلوية. يسبب الأوزون تأثيرات سامة
على الإنسان والحيوان وتشمل هذه التأثيرات تغيرات هيكلية وعملية ومناعية وكيميائية
حيوية في الجسم.
أول أكسيد الكربون
أول أكسيد الكربون هو غاز عديم اللون والرائحة ينتج عن الوقود
الأحفوري، خاصة عندما يكون التمايز غير مناسب، مثل حرق الخشب والفحم، فإن ألفة
ثاني أكسيد الكربون للهيموجلوبين أكبر 25 مرة من ألفة الأكسجين. بناءً على تركيز
ثاني أكسيد الكربون ووقت التلامس، يحدث تسمم خفيف إلى شديد. تشمل أعراض التسمم
بغاز ثاني أكسيد الكربون الصداع، والدوخة، والضعف، والغثيان، والقيء، وأخيراً
فقدان الوعي. تشبه الأعراض إلى حد كبير حالات التسمم الأخرى مثل التسمم الغذائي أو
الالتهابات الفيروسية.
ثاني أكسيد الكبريتيد ( So2 ) من الغازات التي تسبب تلوث الهواء
هو غاز عديم اللون وشديد التفاعل ويعتبر من أهم عوامل تلوث الهواء. يتم إنتاجه في الغالب من الوقود الأحفوري والبراكين والعمليات الصناعية. هو مضر بحياة الإنسان والنبات والحيوان. مرضى الجهاز التنفسي والأطفال وكبار السن والأشخاص الذين يتعرضون لـ So2 هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض الجلد والرئة. التركيزات العالية من So2 في الهواء تسبب تلف وفشل الجهاز التنفسي كما تسبب تفاقم أمراض القلب والأوعية الدموية في حالة الإصابة السابقة.
لذلك يتم امتصاصه في الغالب في الممرات الرئوية العليا. باعتباره
عاملاً محفزًا للمستقبلات الحسية لدى الإنسان، فإنه يسبب تشنج القصبات الهوائية
وإفراز المخاط. سكان المناطق الصناعية الذين يتعرضون لتلوث الهواء بـ So2 يعانون من التهاب الشعب الهوائية.
أكسيد النيتروجين
وتعتبر أكاسيد النيتروجين من أهم ملوثات الهواء التي تزيد من خطر
الإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي. وتنتج هذه الغازات بشكل رئيسي من المحركات
وبالتالي تعتبر جزءا من التلوث المروري. إنه يهيج بشدة الجهاز التنفسي ويسبب وذمة
رئوية، السعال والعطس من أهم أعراض التسمم بأكسيد النيتروز. لكن قد يحدث تهيج في
العينين والأنف أو الحلق، وصداع وضيق في التنفس، وألم في الصدر، وتعرق شديد، وحمى،
وتشنج قصبي، ووذمة رئوية.
الرصاص
الرصاص هو معدن ثقيل سام يستخدم على نطاق واسع في الصناعات. يأتي
التلوث بالرصاص من مصادر داخلية وخارجية. ويخرج من محرك السيارة. وخاصة السيارات
التي تستخدم بنزين رباعي إيثيل الرصاص. تعتبر مصانع البطاريات ومصانع صهر المعادن
وآبار الري ومياه الصرف الصحي من مصادر إنتاج الرصاص وتلويث البيئة. الأجنة
والأطفال حساسون حتى لكميات صغيرة من الرصاص. يتراكم الرصاص في الجسم في الدم
والعظام والأنسجة الرخوة. لأنه لا يمكن القضاء عليه بسهولة. كما يؤثر الرصاص على
الكلى والكبد والجهاز العصبي وأعضاء الجسم الأخرى
معظم مضاعفات التعرض للرصاص تكون مزمنة وبدون أعراض واضحة. وتتأثر
أعضاء الجسم المختلفة، ولكن أهم عضو يتأثر بالتسمم بالرصاص هو الجهاز العصبي.
قد يحل الرصاص محل الكالسيوم في أجزاء مختلفة من الجسم ويسبب العديد
من المضاعفات مثل آلام البطن، والإمساك، وفقر الدم، والصداع، والعدوان، والتهيج،
وفقدان التركيز والذاكرة، واضطرابات النوم.
ختاما
المخاطر الصحية الناجمة عن تلوث الهواء تنتج عن الجزيئات والمواد العالقة في الهواء وتسبب العديد من المشاكل والمخاطر في الأعمال الفسيولوجية لجسم الإنسان. وبحسب النتائج المتوفرة فإن أهم التأثيرات السامة المرتبطة بتلوث الهواء تظهر على الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية والعينين والجلد والأعصاب والنفسية وتكوين الدم والجهاز المناعي والتكاثر. ومع ذلك، فإن التسمم الخلوي والجزيئي قد يسبب أيضًا أنواعًا مختلفة من السرطان على المدى الطويل.